قتل سوزان تميم

لم يكن غريبا أن تتصدر وسائل الإعلام أنباء علاقة رجل الأعمال المصري البارز هشام طلعت مصطفى بالمطربة سوزان تميم لأن بعض رجال المال والسياسة عبر التاريخ طالما عرف عنهم حياتهم الخفية التي يطلق عليها " الباك دور " ، فعلاقات الملك فاروق النسائية وقصص صلاح نصر وعلاقات رجال الدولة بالفنانات في فترة الستينيات هى أمور لم تخف على أحد .

محيط - جهان مصطفى

ومن الإنصاف التأكيد على أن هذا النمط من العلاقات " المحرمة " لم يقتصر أبدا على التاريخ المصرى سواء القديم أو الحديث بل عرفته أيضا جميع دول العالم وعلى رأسها القوة العظمى أمريكا ، فهناك علاقة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بالمتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي والتي أفلت منها كلينتون بأعجوبة بعد أن أبدت زوجته هيلاري مساندة كبيرة له تحسدها عليها كثيرات .

ولا يزال التاريخ أيضا لم يكشف بعد كافة أسرار علاقة الفنانة الراحلة مارلين مونرو بالرئيس الأمريكى الأسبق جون كينيدى والتي يرجح البعض أنها هى التي أدت لاغتياله على أيدي الاستخبارات الأمريكية خشية إفشائه بأسرار أمريكا لها وهما في حجرة النوم .

والحال على هذا المنوال لم يكن غريبا أن يكون هشام طلعت مصطفى على علاقة بفنانة نصف مشهورة ، لكن الشيء الغريب الذى بات يشغل الجميع هو أن الرجل الذى كان عضوا بمجلس الشورى ويدير امبراطورية عملاقة فى أعمال البناء والتشييد وجد وقتا كاملا للتخطيط لقتلها وتتبعها وملاحقتها فى القاهرة ثم لندن ثم دبى مثلما قال المتهم الأول في القضية محسن السكري ، مع أن المعروف أن وقت رجال الأعمال ثمين جدا وكل ثانية تحسب بالملايين .

ومهما كانت فعلتها ، هل كان هشام في إجازة عقلية وهو يحرض على مثل هذا العمل الشنيع ولماذا لم يدرس تداعياته قبل الإقدام عليه أم راهن على نفوذه وماله للإفلات من العقاب .

وهل كان الأمر يستحق فعلا المغامرة بتاريخ حافل بالإنجازات من أجل امرأة تحاصرها المشكلات والشائعات ، وما الأسباب التي حولت نعمة الغنى إلى نقمة وفتنة تجر خلفها علاقات نسائية مشبوهة ، أليس كان من الأولى توفير المخطط التحريضي المحكم الذي استمر 12 شهرا وتكلف حوالي 11 مليون جنيه في شيء مفيد لمعالجة مشاكل الاقتصاد المصري المترنح ؟ .

وفي ظل الخسائر الكبيرة التي طالت البورصة المصرية جراء حبس هشام ، كيف تزاوج رأس المال بالسياسة ، وهل ما حدث في قضية سوزان وقبلها قضية العبارة يؤكد المقولة التي باتت رائجة بين قطاع واسع من المواطنين وهى أن بعض رجال الأعمال مسئولون عن تدهور الأوضاع في البلاد ؟ ، ولماذا تعود المصريون على وقوع الكبار في براثن الرذيلة ، حيث يصرف أحدهم ملايين الدولارات لقتل مطربة وبعضهم ينفق الملايين في إنشاء قنوات الكليبات الإباحية ، في وقت يعاني فيه ملايين الأشخاص من الجوع والبطالة وارتفاع الأسعار ؟ .

ورغم التأكيد على شفافية ونزاهة القضاء المصري ، إلا أن التساؤلات السابقة تطوف في أذهان المصريين وتؤرق مضاجعهم ويعجزون دائما عن فك طلاسمها وتحليل رموزها ، ربما لوجود شبكة عنكبوتية تدور في فلكها كل هذه التساؤلات وتلتقط من يحاول اجتيازها والإجابة عليها ..